السؤال: ما حكم من لعن الوالدين من باب الزعل أو من لعنهما عمداً، وهل لذلك اللعن -سواء عمداً أو غيره- كفارة أو توبة أو ماذا يصنع اللاعن؟ ؟
الجواب: لعن الوالدين من كبائر الذنوب، فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن الله من لعن والديه)، وسواء كان ذلك اللعن مباشراً أو سبباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: ( وهل يلعن الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه)، فلعن الوالدين سواء كان مباشرة أو تسبباً من كبائر الذنوب، ولا فرق بين أن يحدث ذلك بدون سبب أو بسبب الزعل، إلا أنه في مسألة الزعل إذا وصل الإنسان من الغضب إلى حال لا يشعر بما يقول فإنه في تلك الحال لا جناح عليه؛ لأنه لا يعقل ما يقول، والله تعالى إنما يجازي العبد بما يعقل لا بما لا يعقل، إلا أنه ينبغي للإنسان عندما يكون شديد الغضب أو سريع الغضب أن يستعمل الأسباب التي تزيل ذلك أو تخففه؛ لأن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه بوصية فقال: ( لا تغضب، فردد مراراً، فقال: لا تغضب)، فإذا شعر بالغضب فإنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتوضأ، فإن ذلك من أسباب زوال الغضب، وأيضاً من أسباب إبعاد نتائج الغضب أن ينصرف الإنسان عن المكان وينسحب عن خصمه حتى لا يقع شيء من المحذور.
مداخلة: لكن من ناحية التوبة، هل له توبة؟
الشيخ: بالنسبة للتوبة فله توبة، وما من ذنب إلا وله توبة؛ لقوله تبارك وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، لكن لما كان هذا الذنب متعلقاً بمخلوق فلا بد من طلب العفو ممن جنى عليه حتى تتم التوبة.