شبكة المعرفة

شبكة المعرفة الإسلامية | المقالات | التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر |عبدالعزيز بن عبداللة بن باز
Avatar التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر
عبدالعزيز بن عبداللة بن باز

7/8/1439

التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه أحل لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لحاجة العباد إليها وعظيم نفعها وسلامتها من الضرر، وحرم عليهم عز وجل جميع الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات؛ لعظم ضررها وعدم نفعها أو قلته في جنب المضرة الغالبة، قال تعالى في سورة المائدة: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] وقال تعالى في السورة المذكورة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۝ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ۝ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [المائدة:90-92]. 
وقال تعالى في سورة الأعراف في وصف نبينا وسيدنا وإمامنا محمد بن عبدالله ﷺ: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيََّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157].
أوضح الله سبحانه في هذه الآيات أنه أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، وبين سبحانه أن من جملة الخبائث الخمر؛ لعظم مضرتها، وسلبها العقول، وجلبها الشحناء والعداوة بين المتعاطين لها وغيرهم، وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، فهي أم الخبائث ووسيلة الرذائل، وهي من أقبح الكبائر وأعظم الجرائم، وقد وعد الله من مات عليها أن يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، نستجير بالله من ذلك.
ومن جملة الخبائث الكسبية: الميسر، وهو القمار، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة، التي منها سلب الثروات وأكل المال بغير حق وجلب الشحناء والعداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكثير من الناس اليوم يتعاطى الميسر ولا يبالي بما قاله الله ورسوله في تحريمه والنهي عنه، ولا بما يترتب عليه من المفاسد والأضرار، وذلك لما جبلت عليه القلوب من الجشع والطمع والحرص على استحصال المال بكل وسيلة، ولو كان في ذلك غضب الله وعقابه، بل ولو كان في ذلك ذهاب ماله وتلف نفسه في العاقبة إلا من شاء الله من العباد، وما ذاك إلا لسكر القلوب بحب المال والحرص عليه، ونسيان ما يترتب على وسائله المحرمة كالقمار وبيع الغرر من العواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة، وقد صح عن النبي ﷺ أنه نهى عن بيع الغرر.
ومن المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر: ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائز خفية في بعض السلع التي يراد بيعها؛ طمعا في استنزاف ثروات المسلمين، وترغيبا لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد، والاستكثار من تلك السلع؛ رجاء الظفر بتلك الجوائز، ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر ومن بيع الغرر؛ لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول لا يدري هل يظفر به أم لا؟ وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسوله منه، وهكذا بيع البطاقات ذوات الأرقام ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب، ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة وأكل الأموال بالباطل.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا هذه المعاملات المحرمة، وحذروا منها إخوانكم، واحرصوا على حفظ أموالكم وعدم صرفها إلا فيما تتحققون منفعته وسلامته مما يخالف شرع الله، وإياكم أن تساعدوا أعداءكم وأرباب الجشع من التجار والشركات بما يسلب أموالكم ويغضب الله عليكم.
 ويجب على الحكومة وفقها الله لكل خير أن تمنع هذه المعاملات، وأن تمنع ورود هذه السلع المشتملة على الجوائز التي توقع الناس في القمار، وتسلب الأموال وتضر المجتمع، نسأل الله أن يوفق الحكومة والمسلمين لما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يهدينا وتجارنا وشركاتنا وسائر المسلمين لما يرضي الله ويقرب لديه وينفع المسلمين، إنه على كل شيء قدير.
 وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[1].

 

  1. نشرة صدرت في تاريخ 8/1/1408هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 200)

#

التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر

رشح المقطع:
عدد الترشيحات : (2) تحميل :
الصوم والإفطار مع أهل البلاد

كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها التالي




التعليقات

الصفحات : 1


وجوب أداء الصلاة في الجماعة

>وجوب أداء الصلاة في الجماعة
   
التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر

>التحذير من القمار وشرب المسكر وبيوع الغرر
   
الإخلاص لله جل وعلا في العمل

>الإخلاص لله جل وعلا في العمل
   
جدة ميقات لجميع الوافدين إلى مكة

>إبطال دعوى أن جدة ميقات لجميع الوافدين إلى مكة للحج أو العمرة
   
إطلاق حرية العقار موافق للشرع والمصلحة العامة

>إطلاق حرية العقار موافق للشرع والمصلحة العامة
   
الصوم والإفطار مع أهل البلاد

>كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها
   
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

>الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سفينة النجاة للمجتمع
   
إمكان الصعود إلى الكواكب

>الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب
   
شهر رمضان

>كلمة بمناسبة دخول شهر رمضان
   
واجب المعلم

>واجب المعلم
   
عوامل إصلاح المجتمع

>عوامل إصلاح المجتمع
   
حكم الاعتماد على الحساب الفلكي

>حكم الاعتماد على الحساب الفلكي
   
أهمية ووجوب التفقه في الدين

>أهمية ووجوب التفقه في الدين
   
إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي

>إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك
   
أعمال مناسك العمرة

>أعمال مناسك العمرة
   


المعلومات الواردة في هذه الصفحة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها جميع الحقوق محفوظة لشبكة المعرفة الإسلامية يحق لك أخي المسلم الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري جميع الحقوق محفوظة 2008 - 2017

تطوير شبكة المعرفة