سؤرُ الآدميِّ طاهرٌ، سواءٌ كان مُسلمًا أم كافرًا، جُنبًا أم حائضًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، وهو مذهَبُ الظاهريَّة، وهو قولُ عامَّة أهلِ العِلمِ. الأدلَّة: أولًا: مِن السُّنَّةِ 1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((قدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وأنا ابنُ عَشرٍ، ومات وأنا ابنُ عِشرينَ، وكنَّ أمَّهاتي يحثُثْنَنِي على خِدمَتِه، فدخل علينا دارَنا، فحلبْنا له من شاةٍ داجنٍ وشِيبَ له مِن بئرٍ في الدَّارِ، فشَرِب رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له عُمَرُ، وأبو بكرٍ عن شمالِه: يا رسولَ الله، أعطِ أبا بكرٍ، فأعطاه أعرابيًّا عن يمينِه، وقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الأيمنُ فالأيمنُ)) . وجه الدَّلالة: أن النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا أمر بإدارةِ الإناءِ بين الحاضِرينَ بِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الأيمنُ فالأيمنُ)) دلَّ على طهارةِ السُّؤرِ. 2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا أُهدِيَ له لبَنٌ، قال لأبي هريرة:((الحَقْ إلى أهلِ الصُّفَّة فادعُهم لي. يقول أبو هريرة: فأتيتُهم فدَعَوتُهم، فأقبَلوا فاستأذَنوا فأذِنَ لهم، وأخذوا مجالِسَهم من البَيتِ، قال: يا أبا هِرٍّ، قلتُ: لبَّيْكَ يا رسولَ الله، قال: خُذْ فأعطِهم قال: فأخذتُ القَدَحَ فجعلتُ أُعطِيه الرَّجلَ، فيَشرَبُ حتى يَروَى، ثم يردُّ عليَّ القَدَحَ فأُعطِيه الرَّجُلَ، فيشرَبُ حتى يَروَى، ثم يردُّ عليَّ القَدَح، فيشرَبُ حتى يَروى، ثم يردُّ عليَّ القَدَح، حتى انتهيتُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقد روِيَ القومُ كلُّهم فأخذ القَدَحَ فوَضَعَه على يَدِه، فنظَرَ إلي فتبسَّمَ، فقال: أبا هرٍّ، قلت: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ، قال: بقيتُ أنا وأنت، قلتُ: صدقتَ يا رسولَ الله، قال: اقعُدْ فاشربْ، فقَعَدتُ فشَرِبتُ، فقال: اشربْ، فشَرِبتُ، فما زال يقولُ: اشرَبْ، حتى قُلتُ: لا والذي بعثَك بالحقِّ، ما أجِدُ له مسلَكًا، قال فأَرِني، فأعطيتُه القَدَح، فحَمِدَ الله وسمَّى وشَرِب الفَضلةَ)). وجهُ الدَّلالة: أنَّ الصَّحابةَ شَرِبوا من إناءٍ واحدٍ، وشَرِبَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن سُؤرِهم؛ ممَّا يدُلُّ على طهارةِ سُؤرِ الآدميِّ. 3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كُنتُ أشربُ وأنا حائِضٌ، ثم أُناوِلُه النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيضَعُ فاه على موضِعِ فيِّ، فيشرَبُ)). ثانيًا: أنَّ الله أباح الزَّواجَ من الكتابيَّاتِ، ولا يُمكِنُ أن يَسلَمَ مِن سؤرهنَّ مَن يعاشِرُهنَّ، ومع ذلك لم يُؤمَرِ المُسلمُ بغَسلِ شَيءٍ من ذلك، فدلَّ على طَهارَتِه.